الملائكة تشهد جنازة سعد بن معاذ رضي الله عنه :
أكرم الله سبحانه وتعالى سعد بن معاذ رضي الله عنه بخصال منها أنه شهد جنازته سبعون ألفا من الملائكة عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - - قَالَ « هَذَا الَّذِى تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ » .
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : لَقَدْ نَزَلَ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ،مَا وَطِئُوا الأَرْضَ قَبْلَهَا " وَقَالَ حِينَ دُفِنَ : سُبْحَانَ اللَّهِ لَوِ انْفَلَتَ أَحَدٌ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ لانْفَلَتَ مِنْهَا سَعْدٌ.
وعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ، قَالَ لِأُمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَهِيَ تَبْكِي عَلَيْهِ: انْظُرِي مَا تَقُولِينَ يَا أُمَّ سَعْدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : " دَعْهَا يَا عُمَرُ، كُلُّ نَائِحَةٍ مُكَذَّبَةٌ إِلَّا أُمَّ سَعْدٍ، مَا قَالَتْ مِنْ خَيْرٍ، فَلَنْ تَكْذِبَ " ثُمَّ احْتُمِلَ فَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ، فَتَغَيَّرَ لَوْنُ النَّبِيِّ ،فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ كُنْتَ لَتَقْطَعُنَا، يَعْنُونَ فِي السُّرْعَةِ، قَالَ: " خَشِيتُ أَنْ تَسْبِقَنَا الْمَلَائِكَةُ إِلَى غُسْلِهِ كَمَا سَبَقَتْنَا إِلَى غُسْلِ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، رَأَيْنَا لَوْنَكَ قَدْ تَغَيَّرَ حِينَ قَعَدْتَ عَلَى الْقَبْرِ، قَالَ: " ضُمَّ سَعْدٌ فِي الْقَبْرِ ضَمَّةً، وَلَوْ أُعْفِيَ مِنْهَا أَحَدٌ، أُعْفِيَ مِنْهَا سَعْدٌ " وَقَالَ النَّبِيُّ : " نَزَلَ الْأَرْضَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لِشُهُودِ سَعْدٍ، مَا نَزَلُوهَا قَطُّ، وَاسْتَبْشَرَ بِهِ جَمِيعُ أَهْلِ السَّمَاءِ، وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ "، قَالَ صَالِحٌ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ: قَالَ أَبِي: قَالَ رَجُلٌ لِسَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: إِنَّ الْعَرْشَ تَدَعُوهُ الْعَرَبُ السَّرِيرَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي سَرِيرَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ سَعْدٌ: مَا بَلَغَ سَرِيرُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنْ يَذْكُرَهُ رَسُولُ اللهِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْبَارُ رَسُولِ اللهِ بَعْدَ دَفْنِهِ سَعْدًا بِاهْتِزَازِ الْعَرْشِ لَهُ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَرْشُ هُوَ الْعَرْشُ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ هُوَ خِلَافَهُ فَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ يَكُونُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ إِخْبَارٌ عَنْ سَرِيرٍ لَا نَفَسَ لَهُ، وَلَا يَكُونُ مِنْ مِثْلِهِ الِاهْتِزَازُ الَّذِي ذَكَرَاهُ عَنْهُ ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ السَّرِيرَ إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأُسَيْدٌ، فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَزَّ وَجَلَّ فَهَّمَهُ بَعْدَ أَنْ حُمِلَ عَلَيْهِ سَعْدٌ مَكَانَهُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْزِلَتَهُ مِنْهُ، فَصَارَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ، فَاهْتَزَّ لَهُ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ عُمَرَ وَأُسَيْدٌ مِنَ اهْتِزَازِهِ، كَمَا أَلْهَمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْخَشَبَةَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ يَخْطُبُ النَّاسَ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَ الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ، وَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ عَنْهَا، كَانَ مِنْهَا الْحَنِينُ الْمَرْوِيُّ فِي ذَلِكَ كَمَا سَنْذُكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَمًا عَظِيمًا مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ، وَفَضْلًا جَلِيلًا فَضَّلَ اللهُ بِهِ رَسُولَهُ، وَشَرَفًا كَبِيرًا شَرَّفَهُ بِهِ، وَأَلْهَمَهُ مَنْ أَلْهَمَهُ مِنْ جَلَالَةِ مَوْضِعِهِ مِنْهُ مَا أَلْهَمَهُ إِيَّاهُ مِمَّا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود