الملائكة والمؤمنون
للملائكة مع المؤمنين صلةٌ حميمة،يدعون للمؤمنين ويصلون عليهم ويستغفرون لهم ويتولونهم ويبشرونهم عند الممات،وسوف نعرض لطائفة من أعمالهم مع المؤمنين كما جاءت في الكتاب والسنة :
1- الصلاة على المؤمنين
قال تعالى : {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} (43) سورة الأحزاب .
يَحُثُّ اللهُ المُؤْمِنينَ عَلَى ذِكْرِ رَبِّهِمْ،وَيَقُولُ لَهُمْ إِنَّهُ تَعَالى يَذْكُرُهُمْ وَيَرْحَمُهُمْ وَيُثْنِي عَلَيْهِمْ فِي المَلأِ الأَعْلَى مِنْ عِبَادِهِ،وَتَسْتَغْفِرُ لَهُم المَلاَئِكَةُ الكِرَامُ،وَإِنَّهُ بِرَحْمَتِهِ تَعَالى،وَهِدَايَتِهِ،وَدُعَاءِ المَلاَئِكَةِ لَهُمْ،أَخْرَجَهُمْ مِنْ ظُلمَةِ الكُفْرِ إِلى نُورِ الإِيمَانِ،وَهُو تَعَالى رَحِيمٌ بِالعِبَادِ المُؤْمِنينَ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ . أَمَّ رَحْمَتُهُ لَهُمْ فِي الدُّنيا فَإِنَّهُ هَدَاهُم إِلى الحَقِّ،وَبَصَّرَهُمْ بِالطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ . وَأَمَّا رَحْمَتُهُ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ فإِنَّهُ آمنَهُمْ مِنَ الفََزَع الأَكْبَرِ،وَأَمَرَ المَلائِكَةَ بِأَنْ يَتَلَقَّوْهُمْ بِالبِشَارَةِ بِالْفَوْزِ بِالجَنَّةِ،وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ .
قال الشوكاني رحمه الله : والصلاة من الله على العباد رحمته لهم،وبركته عليهم، ومن الملائكة الدعاء لهم والاستغفار.
ويذكر الله لعباده دعاء الملائكة المفعم بحب الخير للمؤمنين ،قال تعالى: { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (
وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) }[غافر : 7-9]
إِنَّ المَلاَئِكَةَ الذِينَ يَحْمِلُونَ عَرْشَ رَبِّهِمْ،وَالمَلاَئِكَةَ الذِينَ هُمْ مِنْ حَوْلِهِ يُنَزِّهُونَ اللهَ تَعَالَى،وَيَحْمَدُونَهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلاَئِهِ،وَلاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ،وَيَسْأَلُونَهُ تَعَالَى أَنْ يَغْفِرَ لِلمُسِيِئينَ الذِينِ تَابُوا وَأَقْلَعُوا عَمَّا كَانُوا فِيهِ،وَاتَّبَعُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَبُّهِمْ مِنْ فَعْلِ الخَيرِ،وَتَرَكِ المُنْكَرِ،وَيَسْأَلُونَهُ تَعَالَى أَنْ يُجَنِّبَ ( يَقِي ) هَؤُلاَءِ التَّائِبِينَ الْمُنِيبِينَ عَذَابَ النَّارِ .
وَتُتَابعَ المَلاَئِكَةُ الأَطْهَارُ دُعَاءَهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ التَّائِبِينَ،فَيَسْأَلُونَ رَبَّهُم تَعَالَى أَنْ يُدْخِلَهُم الجَنَّاتِ التِي وَعَدَهُمْ تَعَالَى بِهَا عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ،وَأَنْ يُدْخِلَ مَعَهُم الجَنَّاتِ الصَّالِحِينَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِيَّاتِهِمْ لِتَقَرَّ بِهِمْ أَعْيُنُهُمْ،فَإِن الاجْتِمَاعَ بِالأَهْلِ والعَشِيرَةِ فِي مَوَاضِعِ السُّرُورُ يَكُونَ أَكْمَلَ لِلْبَهْجَةِ والأُنْسِ،فَأَنْتَ يَا رَبّ الغَالِبُ الذِي لاَ يُقَاوَمُ،الحَكِيمُ فِي شَرْعِهِ وَفَعْلِهِ وَتَدْبِيرِهِ .
وَاصْرِفْ عَنْهُمْ عَاقِبَةَ مَا اقْتَرَفُوهُ مِنْ فِعْلِ السَّيِّئَاتِ قَبْلَ تَوْبَتِهِمْ ( أَوِ اصْرِفْ عَنْهُمْ فِعْلَ السَّيِّئاتِ )،وَمَنْ تَصْرِفْ عَنْهُ عَاقِبَةَ مَا ارْتَكَبَ مِنْ السَّيِّئَاتِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَإِنَّكَ تَكُونَ قَدْ رَحِمْتَهُ،وَنَجَّيْنَهُ مِنْ عَذَابِكَ،وَهَذَا هُوَ الفَوْزُ الأَكْبَرُ الذِي لاَ يَعْدِلُهُ فَوْزٌ . .
وبينت السنة أن الملائكة تدعوا الله لمن يقومون بالأعمال الآتية :
أ- الذين ينتظرون صلاة الجماعة :
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - - قَالَ « الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّى عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِى مُصَلاَّهُ الَّذِى صَلَّى فِيهِ،مَا لَمْ يُحْدِثْ،تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ » . وهذا نصٌّ يبين معنى الصلاة من الملائكة على المؤمنين .
ب- الذين يُصَلُّون في الصف الأول :
عَنِ الْبَرَاءِ،قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا وَصُدُورَنَا وَيَقُولُ : لاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الْمُقَدَّمَةِ.
وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - - « إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الأُوَلِ » .
ج- الذين يَصِلُون الصفوف :
عَنْ عَائِشَةَ،عَنْ رَسُولِ اللهِ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يَصِلُونَ الصُّفُوفَ.
د- الذين يتسحرون :
عَنِ ابْنِ عُمَرَ،قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ : إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ .
هـ- الذين يصلُّون على النبي :
عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ النَّبِىِّ - - قَالَ « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّى عَلَىَّ إِلاَّ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ مَا صَلَّى عَلَىَّ فَلْيُقِلَّ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِيُكْثِرْ » .
و- الذين يعلمون الناس الخير :
عَنْ أَبِى أُمَامَةَ الْبَاهِلِىِّ قَالَ ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ - - رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا عَابِدٌ وَالآخَرُ عَالِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - - « فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِى عَلَى أَدْنَاكُمْ ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - - « إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِى جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ ».
ز- الذين ينفقون أموالهم :
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - - قَالَ « مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا،وَيَقُولُ الآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا » . الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود