موقف الملائكة من عصاة بنى آدم
إن الملائكة الذين لا يعصون الله سبحانه وتعالى ينفرون من العصاة نفرة شديدة ويبتعدون عنهم بل يلعنونهم بسبب ما يقترفون من المعاصي.
1- لعنهم كاتم العلم الشرعي :
قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) [البقرة : 159 - 160] .
يُهَدِّدُ اللهُ تَعَالَى بِاللَّعْنَةِ الذِينَ يَكْتُمُونَ الحَقَّ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ إِلى النَّاسِ فِي كُتُبِهِ مِنَ الدِّينِ الصَّحِيحِ،وَالهُدَى النَّافِعِ،وَيَقْصُدُ بِهِمْ أَهْلَ الكِتَابِ،الذِينَ كَتَمُوا صِفَةَ النَّبِيِّ التِي وَرَدَتْ في كُتُبِهِمْ،وَمَا بَشَّرَتْ بِهِ هذِهِ الكُتُبُ مِنْ قُربِ مَبْعَثِ نَبِيٍّ عَرَبيٍّ،يُؤْمِنُ بِاللهِ،وَيُؤْمِنُ لِلمُؤْمِنينَ . فَهؤُلاءِ الذِينَ يَكْتُمُونَ دِينَ اللهِ وَأَوامِرَهُ عَنِ النَّاسِ لِيُضِلُّوهُمْ،وَيَصْرِفُوهُمْ عَنِ الحَقِّ،فَإِنَّ الله يَلعَنُهُمُ،وَتَلْعَنُهُمُ المَلاَئِكَةُ والمُؤْمِنُونَ ( الَّلاعِنُونَ ) . ( وحُكْمُ هذِهِ الآيةِ يَشْمَلُ كُلَّ مَنْ كَتَمَ عِلْماً فَرَضَ اللهُ بَيَانَهُ لِلناسِ،وَلِذلِكَ قَالَ الأَئِمَّةُ : إِنَّ الذِي يَرَى حُرُمَاتِ اللهِ تُنْتَهَكُ أَمَامَ عَيْنَيْهِ،وَالدِّينَ يُداسُ جَهَاراً بَيْنَ يَدَيهِ،وَالضَّلاَلَ يَغْشَى الهُدَى،ثُمَّ هُوَ لاَ يَنْتَصِرُ لِدِينِ اللهِ يَكُونُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّونَ وَعِيدَ اللهِ ) .
وَيَسْتَثْنِي اللهُ تَعَالى مِنَ الَّلعْنَةِ الذِينَ تَابُوا وَأَحْسَنُوا العَمَلَ،وَرَجَعُوا عَنْ كِتْمَانِ مَا أَنْزَلَ اللهُ،وَأَظْهَرُوا لِلنَّاسِ مَا عَلِمُوهُ مِنْ أَمْرِ الرَّسُولِ وَالرِّسَالَةِ،وَيَقُولُ تَعَالَى إِنَّهُ يَتَقَبَّلُ تَوْبَتَهُمْ،وَيَعْفُو عَنْهُمْ،وَيَمْحُو ذُنُوبَهُمْ .
قال ابن كثير رحمه الله عند قوله تعالى : ?...وَيَلْعَنُهُمْ اللَّاعِنُونَ...? يعني تلعنهم الملائكة والمؤمنون .
2- لعنهم الذين يحولون دون تنفيذ شرع الله :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - - « مَنْ قُتِلَ فِى عِمَّيَّا أَوْ رَمْيًا يَكُونُ بَيْنَهُمْ بِحَجَرٍ أَوْ بِسَوْطٍ فَعَقْلُهُ عَقْلُ خَطَإٍ وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا فَقَوْدُ يَدَيْهِ فَمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ » .
3- لعنهم من أحدث حدثاً أو آوى محدثاً :
عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ مَا كَتَبْنَا عَنِ النَّبِىِّ - - إِلاَّ الْقُرْآنَ،وَمَا فِى هَذِهِ الصَّحِيفَةِ،قَالَ النَّبِىُّ - - « الْمَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا،فَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا،أَوْ آوَى مُحْدِثًا،فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ،لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلاَ صَرْفٌ،وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ . فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ،لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ،وَمَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ،لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلاَ عَدْلٌ » .
وعَنْ ثَوْبَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ،قَالَ : مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا،أَوْ آوَى مُحْدِثًا أَوِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ،أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ،فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ،وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ،لا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ،وَلا عَدْلٌ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : كَيْفَ أَنْتُمْ فِي قَوْمٍ،مَرَجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ،وَصَارُوا حُثَالَةً،وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ،قَالُوا : كَيْفَ نَصْنَعُ ؟ قَالَ : اصْبِرُوا،وَخَالِقُوا النَّاسَ بِأَخْلاقِهِمْ،وَخَالِفُوهُمْ فِي أَعْمَالِهِمْ."
4- لعنهم من يشير إلى أخيه بحديدة :
عَنِ ابْنِ سِيرِينَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - - « مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ » .جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود