العقيدة الصحيحة وما يضادها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


السلام عليكم :لايتبنى صاحب الموقع أبو عبد الله هذه الإعلانات التي تظهر في أعلى أو أسفل المنتدى ،كما أنصح زوار موقعي بعدم مشاهدتها أو نشرها بأي وجه من الوجوه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الملائكة ولوط عليه السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو عبد الله
Admin



المساهمات : 108
تاريخ التسجيل : 07/09/2009

الملائكة ولوط عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: الملائكة ولوط عليه السلام   الملائكة ولوط عليه السلام I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 14, 2009 11:18 am

- الملائكة ولوط عليه السلام
أرسل الله ملائكته إلى لوط عليه السلام لإخباره بهلاك قومه المكذبين والمصرين على ارتكاب أفضع الفواحش،وأمره بالخروج من هذه القرية الظالمة للنجاة من العذاب .قال تعالى : { وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) {[هود : 77 - 81]
ولما جاءت ملائكتنا لوطًا ساءه مجيئهم واغتمَّ لذلك; وذلك لأنه لم يكن يعلم أنهم رسل الله، فخاف عليهم من قومه، وقال: هذا يوم بلاء وشدة.
وجاء قومُ لوط يسرعون المشي إليه لطلب الفاحشة، وكانوا مِن قبل مجيئهم يأتون الرجال شهوة دون النساء، فقال لوط لقومه: هؤلاء بناتي تَزَوَّجوهن فهنَّ أطهر لكم مما تريدون، وسماهن بناته; لأن نبي الأمة بمنزلة الأب لهم، فاخشوا الله واحذروا عقابه، ولا تفضحوني بالاعتداء على ضيفي، أليس منكم رجل ذو رشد، ينهى من أراد ركوب الفاحشة، فيحول بينهم وبين ذلك؟
قال قوم لوط له: لقد علمتَ من قبلُ أنه ليس لنا في النساء من حاجة أو رغبة، وإنك لتعلم ما نريد، أي لا نريد إلا الرجال ولا رغبة لنا في نكاح النساء.
قال لهم حين أبوا إلا فعل الفاحشة: لو أن لي بكم قوة وأنصارًا معي، أو أركَن إلى عشيرة تمنعني منكم، لَحُلْتُ بينكم وبين ما تريدون.
قالت الملائكة: يا لوط إنَّا رسل ربك أَرْسَلَنا لإهلاك قومك، وإنهم لن يصلوا إليك، فاخرج من هذه القرية أنت وأهلك ببقية من الليل، ولا يلتفت منكم أحد وراءه; لئلا يرى العذاب فيصيبه، لكنَّ امرأتك التي خانتك بالكفر والنفاق سيصيبها ما أصاب قومك من الهلاك، إن موعد هلاكهم الصبح، وهو موعد قريب الحلول.
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: ولما جاءت ملائكتنا لوطًا، ساءَه مَجيئهم = وهو "فعل" من "السوء" =(وضاق بهم )،بمجيئهم(ذَرْعًا)، يقول: وضاقت نفسه غما بمجيئهم . وذلك أنه لم يكن يعلم أنهم رسلُ الله في حال ما ساءه مجيئهم، وعلم من قومه ما هم عليه من إتيانهم الفاحشة، وخاف عليهم، فضاق من أجل ذلك بمجيئهم ذرعًا، وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عن أضيافه، ولذلك قالSadهذا يوم عصيب).
وقال الخطيب :
" « وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِي ءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ ».سىء بهم : أي ساءه وآلمه نزولهم عنده،واحتماؤهم به.وضاق بهم ذرعا : أي أحسّ العجز عن حمايتهم،لأنه يتصدّى وحده لقومه جميعا .. وأصل الذرع من الذراع التي يعملها الإنسان فى تناول الأشياء ..ثم استعملت استعمالا مجازيا فى الدلالة على قدرة الإنسان أو عجزه،حسب طول ذراعه أو قصرها.والإحساس بالمسئولية الملقاة على لوط لحماية ضيوفه،هو الذي آلمه وأوجعه،وضيّق مسالك النجاة بهم فى وجهه،فقال : « هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ » أي يوم قاس،شديد الوقع على النفس،لما سيطلع عليه فيه من أحداث مزلزلة،توقعه فى هذا المأزق،وتفتح بينه وبين قومه مجالا فسيحا للصراع بين جبهتين غير متكافئتين!
« وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي .. أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ».ولقد وقع ما توقعه لوط .. وها هى ذى العاصفة تدور حول بيته،وتحطّم الأبواب .. فيقتحم القوم عليه الدار،وقد جاءوا سراعا من كل جهة،يتسابقون لإدراك هذا الصيد،قبل أن يفلت من أيديهم! « وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ » أي يسرعون إليه فى خفّة وطيش.وانظر كيف تبلغ السفاهة بالقوم .. إنهم ليأتون الفاحشة فى غير مبالاة،ولا ستر من حياء! يأتونها جهرة وفى صورة جماعية،دون أن يجد أحدهم حرجا أو استحياء! وهذا غاية التدلّى والإسفاف فى عالم الإنسان،إلى درجة لا ينزل إليها كثير من عالم الحيوان .. حيث تأبى على بعض الحيوان طبيعته أن يتصل بأنثاه على مرأى من بنى جنسه! بله اتصاله بذكر!
الأمر الذي لم تعرفه الكائنات الحيّة،إلا فى هذا الصنف الرّذل الخسيس من الناس! ـ وفى قوله تعالى : « وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ » عرض لسيرة هؤلاء القوم،وفضح لمخازيهم،وأن هذا الذي جاءوا إليه ليس ابن يومه،وإنما هو داء تعاطاه القوم من قبل،فكان طبيعة غلبت عليهم،حتى لقد صار عادة مألوفة عندهم،وأمرا مستقرا فيهم،ليس فيه ما يثير أي إحساس عندهم بالخزي أو الاستحياء ..وقد عبّر القرآن عن هذا المنكر الذي يتعاطونه بالوصف المناسب له،دون أن يذكر اسمه،تقزّزا له،وصيانة للأفواه أن تتلفظ به،وللأسماع أن يقع عليها ..ومن جهة أخرى،فقد جاء القرآن بوصفه جمعا .. هكذا : « السيئات » للدلالة على أنه منكر غليظ مركّب،وأنه ليس سيئة،بل هو سيئات،وليس منكرا،بل هو منكرات! ـ وفى قوله تعالى : « يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ » دعوة لهم إلى أن يكون أربهم وشهوتهم للنساء .. لا للرجال،فذلك هو الوضع الطبيعىّ للحياة الإنسانية .. فهو ـ عليه السلام ـ يدعوهم إلى التزوج ببناته،وإلى التعفف بالزواج بالمرأة والاتصال بها،حتى يعفّوا عن ارتكاب هذا المنكر،والاتصال بالرجال ..وفى هذا يقول اللّه تعالى على لسان لوط لهم : « إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ » (28 ـ 29 العنكبوت).
ويقول سبحانه فى موضع آخر على لسان لوط أيضا : « أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ » (165 ـ 166 : الشعراء).
قوله تعالى : « فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ »..والسؤال هنا : هل كان القوم مؤمنين باللّه حتى يذكّرهم لوط باسمه تعالى،ويدعوهم إلى تقواه ؟
والجواب : أنهم لو كانوا مؤمنين باللّه،لما استعلن فيهم هذا المنكر على تلك الصورة التي سجّلها القرآن عليهم .. فإن الإيمان باللّه يردّ الإنسان عن كثير من المنكر،ويقيم بين النّاس وازعا يزعهم من أن يخرجوا هذا الخروج السافر عن إنسانيتهم،وأن يتدلّوا هذا التدلّى المسفّ إلى مادون الحيوان.
فذكر اللّه هنا،إنما هو تخويف لهم،وتهديد بقوة اللّه،إن لم يتقوه،ويستقيموا على طريق المؤمنين .. وفى هذا تجاهل لإنكارهم اللّه والإيمان به،إذ لا معتبر لهذا الإنكار فى وجه الدلائل القائمة بين أيديهم على وجود اللّه،وكمال قدرته.
« قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ ».لقد أنكر القوم على « لوط » ما دعاهم إليه من التزوج بالنساء،ومنهن بناته اللائي عرضهنّ عليهم،وذلك ليكون اتصالهم بالنساء صارفا لهم عن إتيانهم هذا المنكر مع الرجال! وقد جاء إنكارهم هذا فى صورة فريدة من الدناءة والخسّة والتجرّد من الحياء ..
« لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ » أي إنك لم تعرض علينا أمرا جديدا لتصرفنا عما نطلب .. فأنت تعلم مالنا فى بناتك من حق،وأننا نملك التزوج بهنّ من غير اعتراض .. فالتزوج بالنساء أمر متفق عليه بيننا وبينك،كما هو متفق عليه بين الناس جميعا .. ولكن ماذا عندك لنا فى هذا الذي نطلبه من الضيوف ؟ « وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ » ! فهل فى بناتك أو بنات غيرك ما يحقق لنا هذا الذي نريده ؟
ولا يجد لوط لهذه السفاهة جوابا،ولا يرى لهذا السوء الذي يراد بضيوفه مردّا ..« قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ » !!
وماذا يفعل لوط أمام هؤلاء القوم،الذين ركبوا رءوسهم،فانقلبت فى أعينهم أوضاع الأشياء،وتغيرت معالمها ؟ إنه لو كانت بين يديه قوة لأخذ على أيديهم بها،ولعاملهم معاملة الكلاب المسعورة .. ولكن أنّى له القوة،وهو وحده،والقوم جميعا حرب عليه .. حتى امرأته!!
كما أنه ليس هناك من يستعين به على هؤلاء القوم،ويطلب غياثه واللّياذ به،حتى يضمن الحماية لضيفه النازلين فى حماه ؟
وهنا تجىء نجدة السماء،وتفتح للوط أبواب حصن حصين يأوى إليه،على حين تنزل على القوم صواعق الهلاك،فتأنى عليهم فى لحظة خاطفة!
ومن عجب أن تطلع على « لوط » هذه القوى الرهيبة من موطن الضعف الذي كان يريد الدفاع عنه،والحماية له .. الضّيف الذين ظن أنهم وقعوا لقمة سائغة لأيدى هؤلاء القوم الآثمين،هم مطلع هذه النجدة!
« قالُوا يا لُوطُ .. إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ .. لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ .. فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ .. وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ .. إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ .. إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ .. أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ».لقد كشف الرسل عن أنفسهم للوط،فعرف،من هم ؟ وما الأمر الذي جاءوا له ؟ إنهم رسل اللّه،وقد جاءوا إليه بالمهلكات لقومه،وليخرجوه من بين هؤلاء القوم،حتى لا يقع عليه مكروه من البلاء الذي سيحلّ بهم.
« إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ » وإذ كنّا كذلك،فإنهم « لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ » ولن يستطيعوا أن يخلصوا إلينا،وينتزعونا من يدك ..
« فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ »..سرى،وأسرى،أي سار ليلا .. والقطع من الليل،هى البقية منه،قبيل دخول النهار.
والأمر الذي توجه به الملائكة إلى لوط،هو أن يخرج بأهله فى بقية من الليل،أي قبل أن يطلع الصباح،وألا يلتفت هو ومن معه إلى الوراء،حيث القرية التي خلفوها وراء ظهورهم ..وفى النهى عن الالتفات إلى تلك القرية ومن فيها،إشارة إلى أنها دار إثم،ومباءة فسق،ينبغى أن يقطع المؤمن كل مشاعره نحوها،فلا يتبعها بصره،ولا يلقى عليها نظرة وداع .. وهكذا ينبغى أن يكون شأن المؤمن مع كل منكر ..أن يعتزله،ويعتزل مواطنه،والمتعاملين به .. فلا يحوم حوله،ولا يمرّ بداره،ولا يتصل بأهله .. فإن المنكر مرض خبيث،يعلق داؤه بكل من يدنو منه ..أو يتنفس فى الجو الذي تفوح عفونته فيه! .. ولهذا فقد أمر النبىّ  المسلمين حين مرّوا بديار ثمود،وهم فى طريقهم إلى تبوك ـ أمرهم أن يجدّوا فى السير،وألا يلتفتوا إلى هذه المواطن،وأن يغلقوا حواسهم عنها،حتى لا يدخل عليهم شىء منها .. شأنهم فى هذا شأن من يمرّ بجثث متعفنة،تهب منها ريح خبيثة،فيسدّ أنفه،وينطلق مسرعا حتى يبرحها .. وفى هذا درس عملىّ للتشنيع على المنكر وأهله.
وفى قوله تعالى : « إِلَّا امْرَأَتَكَ » إشارة إنى أن امرأة لوط لا تملك من أمرها ألّا تلتفت،بل هى مقهورة على الالتفات،والخروج عن هذا النهى،وذلك لما أراد اللّه لها من هلاك .. « إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ ».. لأنها كانت مع القوم بمشاعرها وعواطفها،ولهذا التفتت إليهم،وخالفت أمر اللّه. بألا يلتفت أحد ممن خرج مع لوط من أهله .. ولم تفرّ منهم كما يفرّ المرء من بلاء طلع عليه،أو مكروه أحاط به،فكان أن أخذها اللّه بما أخذ به هؤلاء القوم الآثمين .. إنها منهم،وحقّ عليها ما حق عليهم : « إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ ».
« إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ .. أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ».. وفى هذا تطمين للوط،وأن ما بينه وبين القوم سينتهى مع مطلع هذا الصبح من ليلته تلك .. ثم هو من جهة أخرى حثّ للوط على أن يبادر الصبح قبل أن يطلع عليه،وأن يخرج من القرية ومعه بقية من الليل،حتى يبتعد عن القرية قبل أن يقع هذا الانفجار المهول،مع أول خيوط من ضوء الصبح .. « أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ؟ » فهذا استفهام تقريرى،بمعنى ألا ترى أن الصبح قريب .. فهيّا أسرع،وخذ أهبتك للخروج من هذه القرية،قبل أن يدركك الصبح،وتقع الواقعة! "
وجاء العذاب كما قال تعالى :{ فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62) قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (64) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65) وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (66) وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67) قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (68) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (69) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (70) قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (71) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75) وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77) [الحجر : 61 - 77] }
قوله تعالى : « إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ » أي فى هذه المخلفات آية لمن كان مستعدا للإيمان،حين تلوح له دلائل الحق،وتبدو له شواهده ..
ومن إعجاز القرآن هنا ما نجده فى اختلاف النظم بين فاصلتى الآيتين فى قوله تعالى : « إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ » وفى قوله سبحانه : « إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ».
. ومن أسرار هذا الاختلاف :
أولا : أن المتوسّمين ـ وهم كما قلنا ـ أصحاب البصر الحديد والبصيرة النافذة ـ تتكشف لهم من ظواهر الأشياء أمور لا تتكشف لغيرهم من سائر الناس ..
فهم يرون آيات،على حين يرى غيرهم آية .. « إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ » وذلك فيما تحدّث به أخبار القوم الظالمين ..
وثانيا : أن المؤمنين،أو من فى كيانهم استعداد للإيمان ـ هؤلاء،لا يحتاجون إلى كثير من الأدلة والبراهين،حتى يذعنوا للحق،ويهتدوا إلى الإيمان،وإنما تكفيهم الإشارة الدالّة،أو اللمحة البارقة،حتى يكونوا على طريق الإيمان .. « إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ».. وذلك فيما تحدث به مخلّفات هؤلاء القوم الهالكين.
وثالثا : أن الإيمان أمره هيّن،ومراده قريب .. وأن القاصد إليه،الباحث عنه،لا يحتاج إلى معاناة نظر،أو كدّ ذهن،وكل ما يحتاج إليه فى تلك الحال،هو أن يخلى نفسه من التشبث،والعناد،والمكابرة،وأن يلقى وجه الإيمان بقلب سليم،ورأى مستقيم .. عندئذ يرى أن الإيمان أقرب شىء إليه،وآلف حقيقة عنده .. إذ كان جاريا مع الفطرة الإنسانية،متجاوبا مع أشواقها وتطلعاتها.
هذا،وقد جاء النظم القرآنى لقصّة لوط هنا،مخالفا لما جاء عليه فى مواضع أخرى .. ذلك أن الملائكة هنا أخبروه بهلاك القوم،وبما ينبغى أن يفعله هو وأهله حتى لا ينزل بهم ما ينزل بأهل القرية من دمار وهلاك ـ أخبروه بهذا قبل أن يعلم أهل القرية بهم،وقبل أن يجيئوا إلى لوط يريدون الفاحشة فى هؤلاء الضيوف .. هكذا تحدث الآيات هنا
وفى مواضع أخرى جاء النظم القرآنى على غير هذا،كما يقول اللّه تعالى فى سورة « هود » مثلا : « وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِي ءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ » (الآيات : 77 ـ 81 : هود) وترتيب الأحداث هنا غير ترتيبها فى النظم السابق .. كما ترى ..فما جواب هذا ؟
والجواب ـ واللّه أعلم ـ هو أن الملائكة فى هذه الآيات ـ قد ألقوا بالبشرى إلى لوط،حين التقوا به،ورأوا ما دخل عليه منهم من خوف وفزع،فقالوا له : « لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ ». . ثم جاءه قومه بعد ذلك،وكان ما كان منهم معه ومع الملائكة .. فكان من لوط كرب وضيق مما حلّ بالملائكة،وتشبث قومه بهم،ومحاولة الاعتداء عليهم،فكان حديث الملائكة له بقولهم : « إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ » توكيدا لما حدّثوه به من قبل،وأنهم إذا كانوا على تلك الصفة فلن ينالهم أحد بمكروه .. ثم كان من تمام ذلك أن أعادوا تذكيره بما حدثوه به من قبل،وهو أن يسرى بأهله بقطع من الليل ولا يلتفت منهم أحد إلى هؤلاء القوم الذين خلفوهم وراءهم ليلاقوا مصيرهم.
إننا نعلم علم اليقين أن الظواهر الكونية كلها تجري وفق ناموس اللّه الذي أودعه هذا الكون. ولكن كل ظاهرة وكل حدث في هذا الكون لا يقع بأية حتمية إنما يقع وفق قدر خاص به. بلا تعارض بين ثبات الناموس وجريان المشيئة بقدر خاص لكل حدث .. كذلك نحن نعلم علم اليقين أن اللّه سبحانه يجري في حالات معينة أقدارا معينة بأحداث معينة لوجهة معينة. وليس من الضروري أن يكون ذلك الذي دمر قرى لوط زلزال أو بركان عادي فقد يريد اللّه أن ينزل بهم ما يشاء،وقتما يشاء،فيكون ما يشاء،وفق ما يشاء .. وهذا هو المنهج الإيماني في تفسير معجزات الرسل أجمعين ..
وقرى لوط تقع في طريق مطروق بين الحجاز والشام يمر عليها الناس. وفيها عظات لمن يتفرس ويتأمل،ويجد العبرة في مصارع الغابرين. وإن كانت الآيات لا تنفع إلا القلوب المؤمنة المتفتحة المستعدة للتلقي والتدبر واليقين : «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ. وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ . إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ» ..وهكذا صدق النذير،وكان نزول الملائكة إيذانا بعذاب اللّه الذي لا يرد ولا يمهل ولا يحيد.
وقد ثبت علمياً أن الرجم يصحب بصوت مدو وأن أشد ما يكون وقع الرجم على الأرض حال الشروق لتعامد الأحجار على سطح الأرض حال الشروق، ثم غُرِفت أرض سدوم ورفعت إلى السماء وجعل عاليها سافلها ؛ ومثل هذا يُحْدِث هبوطا في سطح الأرض جعل هذه المنطقة أخفض منطقة على الأرض. وأصبح مكانها بحيرة لا حياة فيها هي البحر الميت .الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aliman.ahlamontada.net
 
الملائكة ولوط عليه السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الملائكة وعيسى بن مريم عليه السلام
» بشارة الملائكة لزكريا عليه السلام
» الملائكة وإسماعيل عليهما السلام
» الملائكة والأنبياء عليهم السلام
» الملائكة تبشر إبراهيم بإسحاق عليهما السلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
العقيدة الصحيحة وما يضادها :: الإيمان :: الإيمان بالملائكة-
انتقل الى: