خزنة جهنم وصفتهم :
جعل الله لجهنم خزنة من الملائكة على رأسهم مالك خازن النار عليه السلام ويناديه الكفار وهم يعذبون فيقولون كما حكى الله عنهم : وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78) [الزخرف : 77 - 78] .
وَحِينَمَا يَشْتَدُّ العَذَابُ بِالمُجْرِمِينَ الظَّالِمِينَ يَضجُّونَ فِي النَّارِ،وَيُنَادُونَ : يَا مَالِكُ ( وَهُوَ خَازِنُ النَّارِ ) ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَقْبِضْ أَرْوَاحَنَا لِيُرِيحَنا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ مِنَ العَذَابِ الأَلِيمِ . فَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَالِكٌ قَائِلاً لَهُمْ : إِنَّهُمْ مَاكِثُونَ فِي النَّارِ أَبَداً،وَلاَ مَجَالَ وَلاَ سَبِيلَ إِلَى خُرُوجِهِمْ مِنْهَا .
وَيُذَكِّرُهُمْ اللهُ تَعَالَى - أَوْ يُذَكِّرُهُمْ مَالِكٌ بِأَمْرِ رَبِّهِ الكَرِيمِ - بِسَبَبِ شَقَائِهِمْ،وَهُوَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى كَانَ أَرْسَلَ إِلَيهِم الرُّسُلَ يَدْعُونَهُمْ إِلَى الحَقِّ والهُدَى فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ عَنْ ذَلِكَ،وَأَبَوْا وَاسْتَكَبَرُوْا فَأَوْصَلَهُمْ ذَلِكَ كُلُّهُ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ .
ويخاطب الكفار كذلك خزنة النار فيقولون كما حكى الله عنهم : وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50) [غافر : 49-50].
وَلَمَّا يَئِسَ المُسْتَضْعَفُونَ مِنْ أَنْ يَحْمِلَ السَّادَةُ الذِينَ كَانُوا سَبَبَ كُفْرِهِمْ،وَإِدْخَالِهِمْ فِي النَّارِ،شَيْئاً مِنَ العَذَابِ عَنْهُمْ،اتَّجَهُوا إِلَى خَزَنَةِ جَهَنَّمَ يَسْأَلُونَهُمْ الاتِّجَاهَ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ لِيُخَفِّفَ عَنْهُمْ شَيْئاً مِنَ العَذَابِ فِي النَّارِ .
وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ خَزَنَةُ جَهَنَّمَ يُقَرِّعُونَهُمْ عَلَى سُوءِ صَنِيعِهِمْ فِي الدُّنْيَا،وَيَقُولُونَ لَهُمْ : أَلَمْ تَأْتِكُمْ رُسُلُ رَبِّكُمْ بِالحُجَجِ وَالبَرَاهِينِ عَلَى صِدْقِ مَا يَدْعُونَكُمْ إِلَيهِ؟ وَيَقُولُ المُسْتَضْعَفُونَ : نَعَمْ لَقَدْ جَاءَهُمْ رُسُلُ اللهِ بِالحُجَجِ والبَيِّنَاتِ وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ،وَحِينَئِذٍ يَقُولُ لَهُمْ خَزنَةُ جَهَنَّمَ : إِذاً فَادْعُوا أَنْتُمْ وَحْدَكُمْ . وَلكِنَّ دُعَاءَ الكَافِرِينَ لاَ يُفِيدُ،وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُ،وَيَذْهَبُ سُدًى .
وقال تعالى : {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } (30) سورة المدثر
قال الشوكاني : قال المفسرون : يقول : على النار تسعة عشر من الملائكة هم خزنتها، وقيل : تسعة عشر صنفاً من أصناف الملائكة،وقيل تسعة عشر صفاً من صفوفهم،وقيل تسعة عشر نقيباً مع كل نقيب جماعة من الملائكة،والأول أولى.
وقد وصفهم الله سبحانه بقوله : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (6) سورة التحريم
يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ،اعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى،وَاتَّقُوا مَعْصَيَتَهُ،وَأمُرُوا أَهْلَكُمْ بِالذّكْرِ والتَّقْوَى،وَعَلِّمُوهُمْ مَا فَرَضَ اللهُ عَلَيهِمْ،وَمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ،وَأمُرُوهُمْ بِطَاعَةِ اللهِ لِتُنقِذُوهُمْ وَأَنْفُسَكُمْ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ،التِي يَكُونُ وَقُودُهَا النَّاسُ مِنَ الكَفَرَةِ،وَالحِجَارَةُ،وَتَقُومُ عَلَيهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ عَلَى أَهْلِ النَّارِ،أَشِدَّاءُ َعَلَيهِمْ،لاَ يُخَالِفُونَ رَبَّهُمْ فِي أَمْرٍ بِهِ،وَيُبَادِرُونَ إِلَى فِعْلِ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ . جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود